تنظيف المقابر من عادات وتقاليد عيد تشينغ مينغ "عيد الصفاء والنقاء"
في عيد تشينغ مينغ "عيد الصفاء والنقاء" أخذ الجو يميل إلى الدفء تدريجيا ، وتكون الطبيعة ذات هواء منعش، ويكون الربيع جميلا، ولذلك أطلق عليه عيد تشينغ مينغ أي عيد الصفاء والنقاء. ويعتقد الفلاسفة الصينيون أن وقت تشينغ مينغ هو وقت صعود طاقة اليانغ (الطاقة الإيجابية)، ويكون تبادل الينغ (الطاقة السلبية) واليانغ بين السماء والأرض غاية في القوة، لذا يكون هذا هو الوقت المناسب ليقوم الأحياء بالتبادل الروحي مع الموتى، ويقوم الجيل الجديد بالذهاب لزيارة مقابر الراحلين وتقديم القرابين لهم وتنظيفها، ليحظى الجيل الجديد بعام كامل من الاستقرار النفسي. وبما يقوم به الجيل الجديد من ترميم وطلاء جدران مقابر الأسلاف، يمنعون الأعشاب من النمو يحمون التربة من التآكل، ويجعل المقبرة وكأنها جديدة ومفعمة بالحياة. وعندما يرى الجيل الجديد هذا الشكل الجميل يشعرون أن أرواح أجدادهم في الجنة تحظى بالطمأنينة، وعلى الرغم من أن الأسلاف قد وافتهم المنية ولكن من خلال تنظيف المقابر يمكن التواصل بين الأسلاف ومن يخلفوهم، والحفاظ على التناغم. ويمكن القول إن القدماء قد حددوا عيد تشينغ مينغ في كل عام بطريقة منطقية ومناسبة.
كان اليوم الذي يسبق عيد تشينغ مينغ في القديم هو عيد الأطعمة الباردة، وعيد الأطعمة الباردة قد تم تحديده على يد جين ون قونغ في فترة الربيع والخريف والممالك المتحاربة لتخليد ذكرى جيه تشي توي، وقد سادت عادة إطفاء النيران ومنع التدخين وتناول الأطعمة الباردة على مدار التاريخ لفترة طويلة، ولكن اندثرت هذه العادة بعد أن وصلت للعصر الحديث تقريبا، لا يعرف العديد من الناس حاليا بوجود عيد الأطعمة الباردة. وعلى كل حال فإن هناك حاليا عدد غير قليل من العامة قبل تنظيفهم للمقابر يأكلون الأطعمة الباردة والنباتات وهم بذلك يعبرون عن احترامهم للأسلاف.
من وجهة نظر الفلاسفة الصينيين أن اختيار الوقت المناسب لتنظيف المقابر يكون في وقت طاقة الين واليانغ، وعادة ما يقال إن أفضل وقت لهذا يكون في السابعة صباحا وحتى ما قبل الخامسة عصرا، تكون فيها الدنيا مضيئة لأنه عندما تغرب الشمس خلف الجبل الغربي لا يكون من المحبذ تنظيف المقابر. فإذا كنت في حالة انهاك ذهني، يمكنك أن ترتدي اليشم، لأنه يقال إن ارتداء اليشم يلعب دورا في الاستقرار الذهني. وعند تنظيف المقابر لابد من المحافظة على هندام كامل، واجلال في تعابير الوجه، ولا يجوز التلفظ بألفاظ سيئة، أو احداث ضوضاء، وطبعا لا يمكن توجيه أي كلام غير لائق للموتى. وعند تنظيف المقابر لابد من شحذ الذهن والارادة، فلا يجب الالتفاف يمينا ويسارا، ولا يجوز أن تنظر لمقابر بقية الأسر أو أن تدخلها، ولا يمكن أيضا اختلاس النظر أو الخوض في أعراض النساء، والتقاط الصور التذكارية للمقابر أمر غير مستحسن. إن الحوامل والمرضى والأطفال أقل من السابعة من الأفضل أن لا يذهبوا لتنظيف المقابر.
وعند تنظيف المقابر من الأفضل عدم ارتداء الملابس الحمراء والخضراء الزاهية، لأن هذا النوع من الملابس لا يتناغم مع جو تنظيف المقابر، إن ارتداء الملابس البيضاء مناسب إلى حد ما.
وبعد العودة من تنظيف المقابر، يشعر معظم الناس بالإجهاد، في هذا الوقت لابد من الاستحمام وتغيير الملابس. وطبقا لعادات القدماء فإنه قبل الدخول للمنزل عليك أن توقد موقد من النار الكبيرة، لأنهم كانوا يعتقدون أن هذا يزيل القوة السالبة.
ومع تطور الوقت، فإن تقديم القرابين للأسلاف في عيد تشينغ مينغ لم يعد محظورا كثيرًا، بل أصبح هناك فقط الصلاة وحرق البخور أمام المقابر، وإزالة الأعشاب الضارة، ووضع القرابين، وحرق الأوراق النقدية وسبائك الذهب، أو بطريقة أبسط من ذلك بتقديم باقات الزهور، من أجل إظهار الحنين للأسلاف. واليوم قد طرأ تغيير جديد على تقاليد تقديم القرابين في المقابر، فالمراسم أصبحت أكثر سهولة وابتكارا، خاصة في المدن، أصبحت باقة زهور أو شريط حريري أصفر أو خطاب "مرسل" إلى الجنة وغيرها من الأساليب الخضراء للتأبين تحظى بقبول أكثر بين الناس.